Friday, April 29, 2011

تع .. ريفات .. | مساحات بيضاء


كل منا في هذه الحياة يُعرّف بأشكال وألوان مختلفة
تبعاً للموقف أو الشخص المعرف له دونما أدنى تدخل منه،
- ولنقل بصورة غير مباشرة على الأقل -

فمثلاً أنت بالنسبة لجارتكم ابن جارتها أم فلان
وبالنسبة لمعلم المدرسة أنت ابن أبي فلان
أو الطالب المميز في شعبته
وبالنسبة للأخ الأصغر لصديقك أنت صديق أخيه
وبالنسبة لمجتمع جامعتك أنت "النيرد"
في التخصص الفلاني أو العلتاني
وهكذا يستمر استهلاكك "تعريفيّاً" من كل شخص حولك.

إن هذه التعريفات قد تلعب دوراً سلبياً أو إيجابياً
وقد تؤثر في منحى سلوكك اليومي أو في طباعك بشكل عام
لا سيما إذا كان التعريف ذا طابع حاد ، كيف ؟ سأوضح ذلك
من خلال مثال بسيط :
تركب الحافلة صباحاً متّجهاً نحو الجامعة كالمعتاد
لكنك تتفاجأ عندما تسير الحافلة أنك قد نسيت محفظتك
هنا سيتم تعريفك من أكثر من جهة

:: الجهة الأولى ::
سائق الحافلة و/أو "الكنترول" ، حيث

ستعرف بالنسبة إليهما كشخص
يستحق الشفقة كونك
نسيت محفظتك
وربما تعرف على أنك شخص يريد
أن يحتال بصورة أو بأخرى لكي يركب مجاناً.


:: الجهة الثانية ::
بالنسبة لمجموعة الفتيات اللائي يجلسن
في المقعد الخلفي فأنت عينة ممتازة للضحك أو "التنظير"
كقول "لو نسي حاله أحسن له " أو "وين عقله" .. إلخ،
ناهيك عن "تلطشيك" ببعض النظرات التي يقول
لسان حالها "يا حرام شو مسكين" .


:: الجهة الثالثة ::
بالنسبة للشابين اللذين يجلسان مباشرة خلف السائق
فأنت في أحد أمرين ، الأول أن تُعرَّف من أحدهما
على أنك شخص لن يلقي له بالاً ويتظاهر بعدم رؤيته
كي لا يضطر بدافع "النخوة والشهامة" أن يدفع عنك
أجرة الطريق ، والثاني أن تُعرَّف من الآخر على أنك
فرصة جيدة للفت انتباه تلك الفتاة التي تجلس وحيدة
متأملة الطريق ، بأنه الشاب الشهم النبيل الذي سيدفع عنك.

:: الجهة الرابعة ::
بالنسبة لـ"الختيار" الذي يجلس قرابة
النافذة قد لا تشكل له تعريفاً بالأساس فقد لا يكون وجودك
البهي ملفتاً لنظره إلى حد كبير ليجعله ينفك عن مسبحته
وتأملاته لينظر إليك ليتم تعريفك بالنسبة إليه،
وإن حدث وعرّفك فغالباً سيكون تعريفاً رتيباً
اعتدنا عليه بكونك شاباً من الجيل الجديد
الذي - وبما لا يدع مجالاً للشك لديه - بأنه
جيل سيء وأن جيله "بيسواه 10 مرات" ،
وأنك تمثل الجيل المهمل عديم المسؤولية .

:: الجهة الخامسة ::
بالنسبة لك ، ستعرف نفسك عدة تعريفات
تتنازعها الأنا الداخلية لديك ، فقد تعرف نفسك
بأنك أصبحت الشاب المحرج من الموقف الذي تعرض له
وقد تعرف نفسك بأنك الشخص الذي لن يبالي
وسيتابع يومه تباعاً دونما قلق أو مشاكل.

عليه فإنك "ستحرّم" أن تنسى محفظتك ثانية
ونرى هنا كيف أنك تحولت من شخص
"مهمل" إلى شخص "مهتم" بعد أن "أكلت الي فيه النصيب" .

إن تبعات هذا الموقف ستبين لك
كيف أنك تلعب دوراً كبيراً في أحداث الكثيرين
وقد تدخل سجلاتهم اليومية دونما رأي منك أو تدخل
وذلك فقط بوجودك في المكان والزمان المناسبين لذلك.

أنت بالنسبة لسائق الحافلة و"الكنترول"
شخص آخر رقّ قلبهما عليه ، وجعلا من
قصته مرجعاً آخر لبطولاتهما المتكررة
والتي تذكر صباح مساء عند كل اجتماع
لسائقي الحافلات و"الكنترولية" خلف المجمع عند وجبات
إفطار أو غداء جماعية.
( هنا أصبحت جزءاً من قصة بطولية تروى لأجيال )

بالنسبة للفتيات فأنت خير مثال يضرب في كل
مرة يذكر فيها موقف محرج أو مشابه، أو أنك
موقف ممتاز لتبدي إحداهن براعتها في
إضحاك صديقاتها على ما حصل معك.
( هنا أصبحت مثلاً يطرح في عدة مواقف أو مصدر
رسم البسمة على وجوه الكثيرين )

وبالنسبة للشاب فأنت البوابة التي فُتحت له
ليحصل على فتاة أحلامه المنتظرة "من الحافلة"
والتي لم يتسن له أن يلفت انتباها طوال
4 فصول من الدراسة.
( هنا أصبحت أنت كيوبيد الحب )

وبالنسبة لـ "الختيار" فأنت مثل آخر
يضيفه إلى "دستة" أمثاله التي يحفظها غيباً
ليعيد سردها في كل مقام ومقعد في دوامة
غير منتهية إلا بانتهاء أجله.
( هنا أصبحت جزءاً مساعداً ليثبت به ذلك
"الختيار" نجاعة جيلهم مقارنة بهذا الجيل )

وبالنسبة إليك فقد لا تشكل فرقاً
فأنت في كل لحظة تعرف نفسك
وفي كثير من اللحظات لا تعرفها
وفي لحظات أكثر لا تهتم لذلك
( هنا أصبحت دليلاً لنفسك بأنك ما زلت
تتغير تباعاً مع الأيام )

مما سبق نتوصل لفكرة بسيطة
وهي أنك لم ولن تستطيع أن تكون
في معزل عن التعريف والتصنيف
من كافة الجهات مهما فعلت
ولن يكون تعريفك واحداً عند أي شخص .

وبوجهة نظر شخصية فإن كل هذا ما
يوصلنا إلى أن إرضاء الناس غاية لا يمكن إدراكها
أمر صحيح تماماً ، فأنت لن تستطيع
أن توحّد التعريفات لتعريف واحد
يتفق عليه الجميع ويرضون عنك به .

تعيشوا وتتعرفوا وتعرّفوا :]

No comments:

Post a Comment